free webpage hit counter موضوع انتقل إلى المحتوى الرئيسي

هل كانت مكتبة الإسكندرية تحتوي حقًا على كل معارف العالم؟

لطالما أثارت مكتبة الإسكندرية القديمة فضول المؤرخين والباحثين. فهل كانت حقًا مستودعًا لكل المعارف المتاحة في ذلك العصر، أم أن هذه مجرد أسطورة؟ دعونا نستكشف الحقائق والأساطير المحيطة بهذه المؤسسة العريقة.

مقدمة: أسطورة مكتبة الإسكندرية

مكتبة الإسكندرية القديمة، التي تأسست في القرن الثالث قبل الميلاد في مصر البطلمية، لطالما ارتبطت بفكرة كونها مستودعًا شاملاً للمعرفة الإنسانية. غالبًا ما يُقال أنها احتوت على "كل الكتب في العالم"، مما يثير تساؤلات حول مدى دقة هذا الادعاء. هل كانت حقًا تحتوي على كل المعارف المتاحة في ذلك العصر؟ أم أن هذه مجرد أسطورة تعكس طموحات مؤسسيها؟

الفصل الأول: تاريخ تأسيس مكتبة الإسكندرية

تأسست مكتبة الإسكندرية في عهد بطليموس الأول سوتر، أحد قادة الإسكندر الأكبر وخلفائه. كان الهدف من إنشائها هو جمع كل المعارف المتاحة في العالم المعروف آنذاك. استمر المشروع في عهد خلفائه، وخاصة بطليموس الثاني فيلادلفوس، الذي بذل جهودًا كبيرة لتوسيع المكتبة وزيادة مقتنياتها.

أهداف التأسيس:

  • جمع وترجمة جميع النصوص اليونانية وغير اليونانية.
  • إنشاء مركز للبحث العلمي والمنح الدراسية.
  • تعزيز الثقافة الهلنستية في مصر.

الفصل الثاني: حجم مقتنيات المكتبة

تقديرات حجم مقتنيات مكتبة الإسكندرية تختلف بشكل كبير. بعض المصادر تشير إلى أنها احتوت على ما بين 400,000 و 700,000 مخطوطة. هذه المخطوطات لم تكن بالضرورة كتبًا كاملة، بل غالبًا ما كانت عبارة عن لفائف بردي تحتوي على أجزاء من الأعمال الأدبية أو العلمية.

أنواع المخطوطات:

  • الأعمال الأدبية (الشعر، المسرحيات، الملاحم).
  • النصوص التاريخية والجغرافية.
  • الأعمال الفلسفية والعلمية (الرياضيات، الفلك، الطب).
  • القوانين والوثائق الرسمية.

من المهم أن نلاحظ أن المكتبة لم تكن مجرد مخزن للمخطوطات، بل كانت أيضًا مركزًا لنسخ المخطوطات وتصحيحها وترجمتها. هذا يعني أن حجم مقتنياتها كان في حالة تغير مستمر.

الفصل الثالث: مصادر جمع المخطوطات

لتحقيق هدف جمع "كل الكتب في العالم"، استخدم القائمون على مكتبة الإسكندرية مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات:

  1. شراء المخطوطات: أرسلوا وكلاء إلى جميع أنحاء العالم المعروف لشراء المخطوطات.
  2. الاستيلاء على المخطوطات: يُقال أنهم كانوا يصادرون المخطوطات من السفن التي ترسو في ميناء الإسكندرية، ويقومون بنسخها قبل إعادتها إلى أصحابها.
  3. الهدايا: تلقوا مخطوطات كهدايا من الملوك والحكام.
  4. الترجمة: قاموا بترجمة النصوص من اللغات الأخرى إلى اليونانية.

الفصل الرابع: حدود المعرفة في العصر الهلنستي

من المهم أن نضع في اعتبارنا حدود المعرفة المتاحة في العصر الهلنستي. على الرغم من أن المكتبة سعت إلى جمع كل المعارف المتاحة، إلا أن هناك مناطق جغرافية وثقافات لم تكن ممثلة بشكل كامل في مقتنياتها.

المناطق والثقافات غير الممثلة بشكل كامل:

  • الشرق الأقصى (الصين، اليابان، كوريا).
  • الأمريكتان (لم تكن معروفة في ذلك الوقت).
  • إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك فروع من المعرفة لم تتطور بعد في ذلك الوقت، مثل العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة.

الفصل الخامس: دور العلماء في مكتبة الإسكندرية

لم تكن مكتبة الإسكندرية مجرد مخزن للمخطوطات، بل كانت أيضًا مركزًا للبحث العلمي والمنح الدراسية. استقطبت المكتبة بعضًا من أبرز العلماء والمفكرين في ذلك العصر، بما في ذلك:

  • إراتوستينس (عالم الرياضيات والجغرافيا الذي قام بحساب محيط الأرض).
  • أرخميدس (عالم الرياضيات والفيزياء والمهندس).
  • هيروفيلوس (عالم التشريح والطب).

قام هؤلاء العلماء بإجراء البحوث والدراسات في مجموعة متنوعة من المجالات، وقاموا بتأليف أعمال مهمة ساهمت في تقدم المعرفة الإنسانية.

الفصل السادس: أسباب تدهور المكتبة

تدهورت مكتبة الإسكندرية تدريجيًا على مر القرون، ويرجع ذلك إلى مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك:

  • الحروب والصراعات السياسية.
  • الحرائق (يُعتقد أن حريقًا كبيرًا دمر جزءًا كبيرًا من المكتبة).
  • نقص التمويل.
  • التحولات الثقافية والدينية.

لا يزال مصير المكتبة الدقيق موضع نقاش بين المؤرخين، ولكن من الواضح أنها لم تعد موجودة بحلول نهاية العصور القديمة.

الفصل السابع: المكتبة الجديدة في الإسكندرية

في عام 2002، تم افتتاح مكتبة الإسكندرية الجديدة، وهي مؤسسة حديثة تهدف إلى إحياء ذكرى المكتبة القديمة واستعادة دورها كمركز للمعرفة والثقافة. تقع المكتبة الجديدة بالقرب من الموقع المفترض للمكتبة القديمة، وتحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات، بالإضافة إلى مرافق حديثة للبحث العلمي والتعليم.

الفصل الثامن: الخلاصة: بين الحقيقة والأسطورة

في الختام، من غير المرجح أن تكون مكتبة الإسكندرية القديمة قد احتوت حقًا على "كل معارف العالم" بالمعنى الحرفي للكلمة. ومع ذلك، كانت بالتأكيد واحدة من أكبر وأهم المكتبات في العالم القديم، ولعبت دورًا حاسمًا في الحفاظ على المعرفة ونشرها. إن أسطورة مكتبة الإسكندرية تعكس طموحات مؤسسيها ورغبتهم في جمع كل المعارف المتاحة، وتظل رمزًا قويًا لأهمية المعرفة والثقافة.


المراجع:

  • Casson, L. (2001). Libraries in the Ancient World. Yale University Press.
  • El-Abbadi, M. (1990). The Life and Fate of the Ancient Library of Alexandria. UNESCO.

شارك المقال:

قيم هذا المقال:

انقر على النجوم لتقييم المقال